لكي نعيش سر الاعتراف

“كي تنال سر التوبة، يلزم ثلاثة أمور: 

            الإيمان الذي يكشف لنا عن الله حاضرا في شخص الكاهن المعرِّف. 

             الرجاء الذي يجعلنا نؤمن أن الله يمنحنا نعمة الغفران حقاً. 

             المحبة التي تدفعنا لحبّ الله، والتي تضع في القلب التائب ندامة حقيقية جراء إهانته لله”. 

القديس خوري آرس

يقول خوري آرس 

“ليس الخاطئ هو الذي يعود لله كي يطلب الغفران، بل هو الله الذي يسعى دائماً وراء الخاطئ ليجعله يعود إليه”. 

هذا هو الاعتراف ! الله هو الذي ينتظرني، هو الذي يستقبلني ويغفر لي كي أستطيع أن أتقدم نحو القداسة؛ وليس أقلّ من هذا ! 

إذا الاعتراف هو أولا عمل من أعمال الله، الذي نجد لديه دائماً المبادرة إلى الحب، ويضع في قلوبنا الرغبة في التوبة والاهتداء الصادق. 

وهو عمل من أعمال الكنيسة، التي لها رسالة وعليها واجب وهو أن تحمل خطواتنا هذه باتجاه التوبة وتسمح باللقاء بالله الآب الرحيم كامل الرحمة: لذلك نرى المسيح، الذي هو حاضر دائماً في كنيسته، يعطينا الغفران من قبل الله عن طريق سر الكهنوت. 

إنه أخيرا عمل خاص لكل شخص فينا حتى نستقبل عطية الله ملتزمين بالإيمان والرجاء والمحبة، آسفين على ما صدر منا من خطأ، ومبتعدين عن الخطيئة ومقررين أن يغير كلّ منا حياته مصحوبا بنعمة الله. 

وحده الله الذي يستطيع أن يخلصنا من الخطيئة. ويدعونا يسوع المسيح لأن نقاسمه حياته دائماً؛ يدعونا إلى القداسة، وهنا عظمة دعوتنا! إذا الرب، وبشكل مستمر، ياْتي لكي يغفر لي؛ وها هو يقودني الى طريق الرحمة والحب. الله قادر على كل شيء ولا شيء لديه مستحيل: “إن أخطاءنا هي ذرات رمل صغيرة أمام جبل رحمة الله العظيم”

لذلك لا نتردّد أبدا في تذوّق رحمة الله !  “أن نحب الله وأن نكون محبوبين من قبل الله، ما أعظم هذه السعادة !” هذا ما قاله القديس خوري آرس. نعم هنالك فرح كبير عندما ننال الغفران، ونكون طاهرين، صادقين وشفّافين، حين نشعر كم يحبنا الله، وكم يعزّينا بحبه الساكن فينا. الله وحده فقط يستطيع أن يملأنا بمحبته، لذلك يكفي أن أفتح له قلبي بصدق. أن أعترف، وأقرّ بأنني معه أستطيع دائماً أن انطلق من جديد، وفقط الله الذي يجعلني أنمو في القداسة. في الاعتراف أقرّ وبتواضع أنني إنسان خاطئ مغفور له، ولكنني في الاعتراف أشعر بأهميتي كوني ابن الله. 

وينهي خوري آرس بقوله: “إن رحمة الله هي نهر متدفق يغمر القلوب بمروره”. هناك أيضاً ينتظرني الله، يا له من فرح عظيم لي. 


يدعونا خوري آرس لكي نقوم بفحص ضمير حقيقي وبتواضع حسب الوصايا العشر: 

-          “أنا هو الرب إلهك. لا يكن لك إله غيري” (خروج 20: 2). 

علاقتنا بالله: كم من الوقت نخصصه للصلاة والسجود؟ كيف نمارس سرَّي التوبة والافخارستيا ؟ هل أعيش حسب مواعيد معموديتي ؟ أين أنا من حياتي الروحية ؟ هل أصلّي للروح القدس ؟ هل أعمل جهدي وأميّز الخير عن الشر ؟ وماذا عن “عبادة الاصنام” أليس لدينا أصنامنا الخاصة التي نعبدها ؟ هل أغذّي إيماني باستمرار ؟ 

-          “لا تحلف باسم الله بالباطل” (خروج 20: 7). 

احترامي لله: كيف نتكلّم عن الله ؟ هل نشتمه ؟ هل نتهمّه بكل ما يحصل من شرّ لنا؟ هل أبحث أولا عن مشيئة الله فيّ وفي كل شيء ؟ هل الله هو رجائي الوحيد ؟ هل أحب الكنيسة ؟ 

-          “احفظ يوم الرب لتقدسه” (خروج 20: 8-10). 

هل أجعل “يوماً مخصصاً للرب” ؟ وماذا عن قداس الأحد ؟ كم من الوقت اكرّسه وبشكل مجانيّ للرب، وللعائلة، وللآخرين ؟ هل أشارك في التسابيح وأعمال الشكر التي تقدمها الكنيسة للرب ؟ 

-          “أكرم أباك وأمك” (خروج 20: 12) 

هل أعيش الاحترام ولغاية قمته: أي حتى الطاعة ؟ هل أغفر لكل من يجرحني؟ كيف أتمم واجباتي تجاه أبنائي ؟ هل أحب والديَّ ؟ وكيف هي حياتي الاجتماعيّة، كيف أساهم في بناء مجتمعي ؟ وكيف أحدد معايير التزاماتي السّياسيّة والاجتماعيّة؟ 

-          “لا تقتل” (خروج 20: 13) 

نظرا لأن ثقافة هذا العصر لا تهتم كثيراً باحترام الحياة، فهل أنا متواطئ بصمتي ونصائحي السيئة وأعمالي بعدم احترام الحياة ؟ هل أنا ملتزم بجدية في احترام الحياة والدفاع عنها ؟ وكيف أسوق سيارتي ؟ وكيف أحترم الآخر واحترم جسدي وصحتي ؟ هل أنا صانع للسلام وأشهد بأعمالي على المحبة؟ 

-          “لا تزن” (خروج 20: 14) 

هل أنا أمين لشريك حياتي ؟ هل يجعلنا التواصل الجنسي منفتحين على الحياة والأبوّة والأمومة المسؤولة، أم تقودنا لممارسات معاكسة لذلك (الأنانية، وسائل منع الحمل…) ؟ مهما كان وضع حياتي، هل أنا ملتزم بالعفة كما أرادها المسيح، بالنظر والكلام والفكر والأفعال ؟ 

-          “لا تسرق” (خروج 19: 18) 

إن ثمن النزاهة مكلف للغاية. وبالنظر إلى أولئك الّذين لا يملكون شيئاً، هل أسرق ما عندهم وأحتفظ بالخيرات بشكل أناني ؟ هل احترم خيرات وأعمال الآخرين ؟ وإلى أي مدى أنا كريم ؟ 

-          “لا تشهد بالزور على قريبك” (خروج 20: 16) 

هل أنا حسّاس لجمال الحقيقة وتألقها ؟ أليس الكذب هو حجب الحقيقة عن أولئك الذين هم بحاجة إليها ولهم الحق في معرفتها. لذلك يجب أن نبقى أمينين للحقيقة ولكرامة وسمعة كل شخص، فهل أنا زارع للنميمة والشقاق ؟ 

“لن يكلّمك أحد عن الخطايا المغفورة، 

 فقد مُحيَت ولم تعد موجودة”. 

“بعد الاعتراف اشكرْ الله والعذراء القدّيسة على النعم التي نلتها، 

 واطلبْ النّعمة الضّرورية كي لا تعود إلى السقوط ثانية”. 

فعل المحبة 

للقديس خوري آرس

 

أُحبُّك يا إلهي 

ورغبتي الوحيدة هي أن أُحبُّك، حتى آخر نفَس في حياتي. 

أُحبُّك يا الله، أنت المحبوب للغاية، 

وأرغبُ بالموت وأنا أُحبُّك، على أن أعيش لحظة واحدة لا أُحبُّك فيها. 

أحبك يا إلهي 

ولا أرغب في السماء إلا لكي أتمتّعَ فيها بخالص حبِّي لكَ. 

أحبك يا إلهي 

ولا يمكنني أن أتصوّر أبداً وجودَ جهنّم، لأنه لا يوجد فيها التعزية الحلوة في أن أحبُّك. 

يا إلهي 

إن لم يستطعْ لساني، أن يتلفّظ في كل لحظة، بأنني أُحبُّك، فعلى الأقل، أرغبُ في أن يقوم قلبي بتكرار ذلك، مراتٍ أكثر من عدد أنفاسي. 

آه يا رب! 

امنحني النعمة، في أن أتألم وأنا أُحبُّك، وأن أُحبُّكَ وأنا أتألم، 

أن أموتَ يوما وأنا أُحبُّك، شاعراً حقيقةً بهذا الحب. 

وكلما أقتربُ من نهايتي، فإنني أقسمُ لك، بأنني سأُنمِي حبّي لكَ، بالغاً به إلى الكمال. 

آمين. 

شارك مع الأصدقاء!

Facebook
WhatsApp
Email
Twitter
Telegram