اكتشف المسؤول في ذاتك …

المقدمة:

تلعب المخيمات الصيفية دوراً فعالاً في تربية الأطفال والنهوض بهم الى مستوى أفضل، لاهتمامها بالجوانب الدينية والبدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية للنشئ، ونظراً لذلك فقد ازداد انتشارها في الآونة الأخيرة، حيث بدأ المهتمون بالعمل مع الأطفال على الصعيدين الرسمي والأهلي بإقامة مخيمات صيفية عديدة للأطفال العاديين والمعاقين والأطفال الأيتام واللاجئين ومتضرري الحرب ومرضى السكري وغيرهم، حيث تُقدم لهم في العادة برامج متنوعة تسهم في إنماء خصائصهم الشخصية وإكسابهم عادات سليمة واتجاهات مرغوب فيها.

يعرض هذا الملف للدارس أساسيات العمل مع الأطفال في المخيمات الصيفية، ولعل من شأنه أن يضيف جهداً متواضعاً الى جهود المهتمين بالعمل مع الأطفال، والتي تعكس اهتماماتنا وتطلعاتنا جميعاً لخدمة ورعاية اطفال اليوم وقادة الغد.

نأمل أن يشكل هذا الملف دليلاً ومرشداً لكل المهتمين بالعمل مع الأطفال، ولجميع القادة الشباب، الكنائس والجمعيات والأندية والمدارس، لمساعدتهم على تكوين فكرة حول الأطفال ونشاطاتهم التي تتسم بالشمولية، لتساعدهم على فهم متغيرات العمل مع الأطفال واستيعابها، وليكن أداؤهم مخططاً وذا مردود تربوي نافع ومفيد لأبنائنا الأطفال.

شخصية المرشد (المسؤول):

المسؤولية هي موهبة من الله انها موهبة القيادة، إن لم تُسقل وتهذب وتتربى وتتثقف سوف تتحول الى نزعة، نزعة التسلط والكبرياء الموجودين داخل الانسان.

  1. مميزات شخصية المسؤول تتحدد بعدة نقاط منها:
  2. المسؤول هو رجل الله، هو تلميذ المسيح، يتشبه به في كل شئ في العمل والعدل. مرتبط بالمسيح من خلال الصلاة والتأمل وقراءة الانجيل وعيش الأسرار وبمحبة القريب، وعليه أن يكون مطواع بين يدي الروح القدس، مرتبط بالروح القدس بإتصال دائم يمكنه من اختبار الحياة مع المسيح ويعيش بعمق هذه الحياة وإلاّ أصبح كالفريسيين “خارج جميل وباطن نتن”.
  3. المسؤول متواضع:

يعلم بأنه يخطئ، يعلم بأنه محدود ولا يملك الحقيقة المطلقة. لذا همه أن يغتني، ويغتني بقدر ما يكون له علاقات مع الآخرين، وأيضاً بقدر ما هو مدعي بمعرفته وغير متكبر بعلاقاته. يغتني بقدر ما يعلم أن الله يأتي للقاءه وإغناءه في أصغر الأمور كما في أكبرها، وفي أصغر وأودع الخلائق كما في أكبرها.

  1. المسؤول منفتح:

أي أنه انسان ناضج غير متقلب وغير منغلق على ذاته، يحسن الحوار والاستشاره لا يعيب من أن يستشير. لديه القدرة على التعاون والتعامل مع الآخر، يتذوق لذة اللقاء مع اخوته، يقبل بملاحظات الآخرين وانتقاداتهم البناءة. لا يعَلِّم كل شئ بمفرده حتى ولو كان له القدرة على ذلك بل يشرك الآخرين بعمله.

  1. المسؤول متجرد:

لا يقيده في عمله أي لقب أو ارتباط عائلي أو مهني أو مقام اجتماعي. لا غاية له ولا مصلحة خاصة، انما يعد نفسه كالخادم ليربح الجميع للمسيح. لا يسعى الى المكاسب الخسيسة، ولا الى اثبات شخصيته أو قدرته أو بسط نفوذه واشباع رغباته. انما همه هو خير من يعمل معهم متشبهاً بيوحنا المعمدان عليَّ أن أصغر وعليه أن ينمو.

  1. المسؤول حازم:

يحسن اتخاذ القرار في الوقت والمكان المناسبين، غير متردد يتحمل مسؤولية مواقفه سلباً أو ايجاباً. في حزمه يختار ما هو مناسب للجماعة ويتمسك به. دبلوماسي يعرف كيف يجعل الآخرين يتكلمون ومتى يجب أن يسكتوا مع ابتسامة دائمة، صوته واضح صحيح (ويسيطر على الجو).

  1. المسؤول محب لعمله:

لا يقوم بعمله مكرَهاً أو مجبراً أو ملزَماً بل برضى وحرية شخصية وبقناعة.

  1. المسؤول يحترم الكل ويحبهم ولا يشمئز من ذاته ولا يستهتر بحياته الخاصه أو يكره الدنيا والحياة، بل عليه أن يحب ويحترم عطية الله المجانية له. يحب الضعيف والقوي، الجميل والقبيح، البسيط والذكي، يتقرب من الخاطئ والصالح، الناجح والكسول، يهتم بالكل ويوزع محبته واهتمامه وعنايته على الجميع دون تمييز أو تفريق. يعطي لكل فردٍ ويعطي لكلٍ حاجته ووقته، يحسس من هو أمامه أنه حاضر معه، ومهتم به وموجود معه. أسلوبه في النقد وابداء الملاحظات دائماً بنّاء.
  2. المسؤول يعرف الكل ويميز معطيات ومواهب كل فرد، يوزع المسؤوليات على الأشخاص كلٌ حسب طاقاته وامكانياته. يعرف كيف يجعل الكل يعمل بروحٍ واحده ولهدفٍ واحد ولمكسبٍ واحد.
  3. المسؤول هو مرجع لجماعته، صديقٌ للجميع. يشعر بغيابه الجميع كما يشعر بوجوده الجميع. يحفظ أسرار جماعته ويعطي الملاحظات لهذه الجماعة بعد اضطلاعه وعلمه بغوامض الأمور وأبعادها.
  4. المسؤول صادق أمام الله ومع ذاته ومع الآخرين. لا يكذب ولا يعد دون أن يفي. يعيش ما يُعَلِّم ويهيئ جيداً ما يعلمه، لا يحب التساهل مع ذاته ولا يخشى الصعوبة. لا يضع اللوم على الآخرين أمام الفشل وأيضاً لا يقف بائساً منكسراً أمام الفشل.
  5. المسؤول خلاّق مبدع يتمتع بروح ديناميكية خلاّقة أي روح ابتكار وخلق حيوي، متجدد دائماً غير ممل ولا تقليدي غير متكل، واقعي.
  6. المسؤول عينٌ ساهرة، يحسن الاستقبال والترحيب، ويهتم بأسباب التغيب. يراقب ويميز قدرة الكل، وكيفية تفاعلهم، يشجع الفرِح ويعزي ويقوي الحزين، يحضن الخجول ويعطي ذاته للضال، يحافظ على قطيعه حفاظه على نفسه ويوليه كل اهتمام وعناية.
  7. المسؤول مخطط، يعرف متى يبدأ ومتى ينهي، يعرف أن يقود الجماعة. يحسن التنظيم والادارة. ولديه رؤية مستقبلية، وانما حاضر بفكره وعقله وجسده.
  8. المسؤول طويل الروح والأناة، هادئ لا يتأثر بسرعة ولا ينفعل بعنف خارجي. غير سريع بالاجابة، ولكن غير متجاهل، حاضر لتلقي الضربات والاهانات ومستعد للمسامحة والمغفرة، قلبه كبير قادر على استيعاب الجميع.
  9. المسؤول فرحه دائم مبتسم دائماً، عابس قليلاً عند الضرورة. فرحه داخلي نابع من عيشه العطاء، يفرح بما يعطي وبما يأخذ.
  10. المسؤول ملتزم يحترم الوقت والوعد والقرار والمبادئ، لا يتغيب إلآ عند الضرورة.
  11. المسؤول قدوة ومثال، لا يتكلم بعكس ما يعيش ولا يعيش بعكس ما يُعلِّم. لأن ما يعلمه بسيرة حياته بفوق الكثير مما يعلمه بلسانه.

مسؤولية المرشد نحو نفسه:

  1. الالتزام :

أن يتم اختيارك كواحد من المرشدين من قبل إدارة المخيم أمر يشير الى امتلاكك خصائص مميزة إن كنت تعرفها، وقدرة كافية للقيام بهذا العمل الشاق الذي لا يثمن بأجر، ولكنه يحقق لك اشباعات خاصة، حيث ستشعر في نهاية المخيم بالرضا والطمأنينة بعملك كما يجب.

  1. الاستراحة :

عليك كمرشد استغلال وقت الفراغ (الاستراحة) كما يجب ، أدخل الترويح الى نفسك واستخدم وقت فراغك بحكمة.

  1. صحته :

تمتد واجبات المرشد واهتماماته نحو نفسه الى الاهتمام الشديد بصحته وسلامته، تماماً كإهتمامه بصحة أطفال مجموعته، وعلى المرشد أن يأخذ قسطاً من الراحة اليومية وأن يراجع العيادة الطبية كلما شعر بتوعك. فسلامة المرشد وصحته سوف تنعكس إيجابياً على أدائه وحيويته في المخيم.

كلمة الى مرشدي الأطفال:

إن اختيارك كمرشد في المخيم الصيفي للأطفال هو امر هام في حد ذاته، له مدلولات ومعانٍ عديدة، إضافة الى كونك شاب مسيحي وتمتلك خصائص مميزة ومهارات متنوعة.

فأنت كمرشد ستعيش مع الأطفال وتعمل معهم كفريق، أنت القائد والأخ الكبير، إن عملك مع مجموعات الاطفال لا حدود له، تأكل وتلعب معهم، وتضحك أحياناً وأحياناً تبكي وإياهم، لذلك فأنت بالتأكيد من أهم أعضاء جهاز المخيم وأكثرهم التصاقاً بهم وقدرة في التأثير عليهم، وعليه فالفرصة متاحه أمامك لبناء علاقات مميزة وإياهم والعمل على إحداث التغيرات المرغوب بها في تعديل سلوكهم. هذا يعني بالتأكيد أنك ستساعدهم في النمو والتعبير عن آرائهم ومشاعرهم بطلاقة وحرية، بالتأكيد أنك ستساعدهم في النمو والتعبير عن آرائهم ومشاعرهم بطلاقة وحرية، وتساعد على إشاعة جو تسوده المحبه وروح الفريق عندهم وأن تعلِّمهم ضبط النفس وإصدار أحكام عقلية متزنة.

إن مرشد للأطفال لا ينتظر المديح والتعزيز من الآخرين، إنه يعزز ويحترم نفسه بنفسه، ويحسِّن من أدائه في البرامج والمخيم، وينمو بإستمرار، يعلِّم ويتعلم، يصل الى المخيم أولاً قبل حضور الأطفال ويغادر بعد عودتهم، بعد أن يكون قد عاش مع اطفال مجموعته بإثارة ومتعه ساعات طويلة إنه عملٌ شاق جداً، ولكنه سيحقق لك الرضى الذاتي ويُكسبك احترام الأطفال وجهاز المخيم.

شارك مع الأصدقاء!

Facebook
WhatsApp
Email
Twitter
Telegram