مشاركة الشبيبة في احتفال سيدة فلسطين في القدس

في الأحد الأخير من شهر تشرين الأول، احتفلت الكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة بعيد العذراء سيدة فلسطين، الشفيعة الأكبر لكنيسة الأرض المقدسة، وذلك في المزار المشاد على اسمها المبارك في دير رافات، غرب القدس، وسط توافد مئات المؤمنين والحجاج من مختلف أنحاء العالم، وفرسان القبر المقدس. بدأ القداس الذي ترأسه المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، بدخول موكب الأساقفة والكهنة. وبعد تبريك شخص العذراء سيدة فلسطين، ألقى الأب حنا كلداني، النائب البطريركي للاتين في الناصرة، عظة القداس مشيرًا فيها إلى أن لقب سيدة فلسطين أطلقه البطريرك لويس بارلسينا في مطلع القرن العشرين، وبنى الكنيسة والدير تكريمًا وتخليدًا لحب العذراء لأبنائها. وقال مخاطبًا السيدة العذراء: “إننا نأتي اليوم لزيارتك لأنه بيننا وبينكِ قصة حب عتيقة عمرها من عمر التجسّد، فلكي في قلوب أبنائك الإكرام الزائد والمكانة الفضلى. لا شك أنكِ يا مريم تعرفين أخبارنا وأحوالنا لأنكِ أم، والأم لا يغيب نظرها عن أولادها، ولكنكِ ككل الأمهات تحب أن تسمع أخبار أولادها يسردونها عليها وهم في حضنها وفي فضاء حنانها. اطمئني يا أماه، يا عروسًا لا عريس لها، يا عليقة موسى التي تشتعل ولا تحترق، إننا بخير؛ في كنائسنا لا نزال نصلي، ونحافظ على الكنائس القديمة، ونبني الكنائس الجديدة في الأرض المقدسة”. تابع: “أولادنا في المدارس المسيحية على الرغم من الكلفة العالية للتعليم. ويأتي شبابنا وعائلاتنا إلى الشبيبة والكشافة والأخويات وبقية الحركات الرسولية. أولادنا وبناتنا يقبلون دومًا على الكهنوت والرهبنة وسر الزواج المقدس. أمور بطريركيتنا وكافة الكنائس بخير، نعم بخير مع كثرة الصعوبات والمضايق والتحديات. أيا مريم سيدة فلسطين، ها نحن أتينا إليكِ بالمئات، والذين أتوا هم من استطاع لذلك سبيلاً، لولا الحواجز وتقطّع أوصال البلاد، والضنك الذي حلّ بأحوال العباد، لزحفت إليكِ الجماهير من بلادنا وجوارها وفاق عددها ما ترين اليوم”. وأضاف الأب كلداني: “ولكنكِ يا مريم تعرفين الوضع القائم فاعذرينا، يومًا ما قلتِ يا أمنا ليسوع في عرس قانا الجليل: ليس عندهم خمر، ما علّكِ أن تقولِ له اليوم، وأن تهمسِ له: ليس عندهم سلام، ليس عندهم أمل في المستقبل، وقد تغوّل اليأس عليهم أحيانًا: ليس عندهم وطن معترف به دوليًا، ليس عندهم أحيانًا الزيت والزيتون لأن زيتونهم يقطّع وينهب. يا أمنا، وأم كل البشر من كل الأعراق والأديان، ألا قولِ كلمة ليسوع في حالنا وأوضاعنا الحزينة”. وتابع: “أما أوضاع عائلاتنا فلا بأس بها، فالناس يؤمون الكنائس في الآحاد والأعياد، سبحتك تُصلى في البيوت، والأكثرية تلتزم بالأخلاق المسيحية والعلاقات الزوجية الطيبة، ولكن، لا نخفِ عليكِ يا أمنا حقيقة: فإن حالات الخلاف الزوجية فازدياد، مما حدا بارتفاع القضايا في المحاكم الكنسية، ولذلك توافق الأساقفة والشعب على إطلاق سنة العائلة، وإطلاق مكتب راعوي خاص لشؤون الأسرة، ليستوعب الناس مقولة رسول الأمم: أيها الرجال أحبوا نساءكم والكنيسة، أي ليكون مثال الحب الزوجي مثال علاقة المسيح بالكنيسة، فلا شك أن هنالك ضياع، وفقدان للبوصلة الإيمانية أحيانًا في حياتنا المسيحية. فعندما ضاع يسوع في الهيكل بحثتِ عنه متلهفة مع القديس يوسف، هكذا ابحثي عنا، وعودي بعائلاتنا من الأخطار والمصاعب إلى حضن الكنيسة”. وخلص إلى القول: “أيتها البتول الطاهرة، ونحن اليوم ننظر إليكِ، وفي كل يوم، نسعى أن نكون على مثالكِ في حبكِ لله، وحب القريب. النَعَم المريمية أدخلت المسيح إلى العالم، ونَعَمنا معكِ تُدخل المسيح في حياتنا ككلمة متجسدة، وكلمة الإنجيل، وكلمة الإفخارستيا القربانية. كُنتِ مع الرسل في العليّة لألا يفقدوا الأمل والرجاء، كوني معنا كي نرى دومًا نور الله في حياتنا، وفي كل نفق مظلم، حتى نرى القيامة بعد الجلجلة والصليب. يا عذراء، يا بتول، يا سيدة فلسطين، لا تنسِ بلادكِ وأهلكِ لقد حاول زعماؤنا ورؤساء هذه المنطقة صنع السلام، وردم الهوّة، وبناء الجسور، فرأينا الجدران تبنى وتعلو فوق ظلنا وتحجب نور الشمس عنا، أما أنتِ، وكلمة الأم مسوعة عند الجميع، حتى عند أشرس الأبناء، فليني القلوب والضمائر، وخذي مصير السلام بين يديكِ، وابني لنا سلامًا من صنع رئيس السلام وملك السلام ورب الأرباب يسوع المسيح”.
منقول…

شارك مع الأصدقاء!

Facebook
WhatsApp
Email
Twitter
Telegram